الثلاثاء، 24 فبراير 2009

الحجاب في المغرب يمنع من العمل


محجبات يحرمن من ولوج مقرات العمل بدون وجه حق


عرف المجتمع المغربي في الآونة الأخيرة إقبالا في صفوف نسائه على ارتداء الحجاب، إقبال فسره البعض برغبة الكثير من هؤلاء النساء في تقليد بعضهن لبعض، فيما اعتبره الآخرون مجرد سحابة صيف عابرة وموضة تتبعها الفتيات ستزول مع مرور الوقت. وبين هذا وذاك تبدي العديد من النساء المرتديات للحجاب ارتياحهن من هذه الظاهرة والتي يرونها أمرا عاديا خاصة ونحن في بلد إسلامي تحكمه تقاليد وأعراف تستمد أصولها منه.
إلا أن هناك مفارقة عجيبة، فمع تزايد الإقبال على ارتداء الحجاب في المغرب إلا أن العديد ممن قررن ارتداءه يجدن صعوبات في دخول سوق العمل، بل فمنهن من كانت مجبرة على تقديم استقالتها لتمسكها بحجابها من جهة، وضعف منها في مواجهة أرباب العمل من جهة أخرى.
الحجاب والدبلوم والخدمة الله يجيب
في أحد أحياء المدينة القديمة بالرباط تقطن فاطمة الزهراء، من مواليد سنة 1978 وحاصلة على الإجازة في العلوم الاقتصادية إضافة إلى دبلوم المحاسبة والتسيير الإداري. تكبد والدها مشاق تكاليف دراستها في إحدى المعاهد العليا الخاصة، فكانت تعاهد نفسها أنها ستحاول تعويضه بعد اشتغالها ولو بالقليل.حلم اصطدم بصخرة الواقع المرير تقول: "لم أكن أعتقد يوما أن حجابي سيقف حجرة عثرة في سبيل تحقيق حلم أبي والعمل في إحدى الشركات الكبرى" لقد حاولت فاطمة الزهراء منذ حصولها على دبلوم المحاسبة والتسيير إيجاد فرصة للعمل في إحدى الشركات الكبرى أو الأبناك، حتى تضمن أجرة محترمة تساعد به ا في تكاليف عيش أسرتها.إلا أنها في كل مرة كانت تجد نفسها مرفوضة بمجرد مقابلتها لمسؤولي الشركات التي تقدمت بطلب عمل لديها، والسبب دائما كان هو ارتداؤها للحجاب "قالها لي يوما مدير أحد الأبناك نتي إلى بقيتي دايرة داك الزيف ماعمرك ما غادي تخدمي فداكشي اللي بغيتي" تحكي فاطمة الزهراء وعلامات المرارة الحسرة بادية على محياها، تضيف وهي تبكي "نحن في بلد إسلامي فكيف يسمح باضطهاد المحجبات بهذا الشكل". فلم تجد أمامها سوى التخلي عن الحلم وقبول العمل كمدرسة في إحدى المدارس الخاصة بأجرة لا تتجاوز 2000 درهم، وفي مجال لا علاقة له بتخصصها.
حكاية فاطمة الزهراء واحدة من بين العشرات ممن يعانين من عدم وجود فرص عمل بسبب ارتدائهن للحجاب. سميرة 34 سنة متزوجة وأم لطفلين كانت تعمل في أحد الأبناك المغربية لمدة 5 سنوات ففي اليوم الذي قررت فيه ارتداء الحجاب كانت تعرف أنها ستجد صعوبات في تقبلها بهذا الزي في مكان عملها إلا أنها قررت أن تتحدى الوضع "كنت أعرف أنهم لن يقبلوا في البداية تغيير الزي الذي أرتديه وخاصة أنني كنت أتبرج بشكل ملفت". لم يستمر صمت مدير المؤسسة البنكية إلا بضعة أيام قبل أن يخيرها بين استمرارها في ارتداء الحجاب وبين عملها كسكرتيرة لديه "لقد كنت جريئة بما يكفي لأصرخ في وجهه وأتشبث بحجابي" ، تشبث كان ثمنه تقديم استقالتها.
المنع من العمل في غياب سند قانوني
وفي مجال الطيران هذه المرة، كانت صباح 28 سنة ضحية للقرار الذي أصدرته شركة الخطوط الجوية المغربية (رام) والقاضي بمنع الموظفات اللواتي لهن علاقة مباشرة بالمسافرين من ارتداء الحجاب. تقول صباح بلغة تمزج بين الفرحة والحسرة "لطالما حلمت أن أكون مضيفة جوية لكن قراري ارتداء الحجاب منعني من الاستمتاع بحلمي لمدة أطول" ، فقرارها هذا جعلها عن الجو، لتعمل فقط داخل إدارة المطار.
وكان قرار شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية القاضي بمنع ارتداء المظيفات للحجاب قد خلف ردود أفعال سياسية خاصة من طرف حزب العدالة والتنمية، حيث اعتبرها أحد نوابه آنداك خطوة"تأتي في سياق تجفيف منابع الصحوة الإسلامية التي حاول البعض فرضها مستغلا في ذلك أجواء ما بعد 11 شتنبر 2001 وتفجيرات 16 ماي الإرهابية سنة 2003".
هذا "الاضطهاد" كما تصفه المحجبات والممارس ضدهن في المغرب طال جميع ميادين العمل، ومنها أيضا ميدان الصحافة والإعلام، إذ يحضر على أي صحفية محجبة أن تظهر على شاشة لتلفاز لتقدم نشرة إخبارية أو برنامجا. بل وحتى داخل بعض الإذاعات الخاصة، فشيماء 27 سنة صحفية، اجتازت فترة تدريبية بعد تخرجها من إحدى معاهد الصحافة بإذاعة البحر الأبيض المتوسط (مي.دي.آن) بطنجة، ونظرا لتميزها في عملها قدمت لها إدارة الإذاعة عرضا للعمل شريطة أن تنزع حجابها تقول وهي تضحك ."كنت مخيرة بين أن أصبح صحفية في إذاعة معروفة ومتميزة وبأجر جد محترم، لكن في مقابل التخلي عن حجابي". فمدير الإذاعة الفرنسي كان واضحا معها مند البداية إلا أنها اختارت التمسك بحجابها "أنا اعرف أن الأرزاق قدر إلاهي فلم ولن أقبل أن يساومني أحد على حجابي لأنه التزام بيني وبين ربي". تضيف شيماء التي كان رزقها ينتظرها مباشرة بغد رفضها لهذا العرض لتجد فرصة عمل أحسن بكثير من سابقتها.

فقد لا يفهم البعض ما العلاقة التي تجمع بين ارتداء الحجاب وعمل المرأة في عدة مجالات. فالكفاءة المهنية ليست مرتبطة بالحجاب ولا تنقص بمجرد ارتدائه ، خاصة أنه وفي المجال الإعلامي أصبح من الطبيعي أن تشاهد صحفية محجبة تقدم نشرة الأخبار في قنوات رائدة مثل الجزيرة و (إم.بي.سي) تقول سناء صحفية. "كيف إذن نعطي الحق لأنفسنا بمنع امرأة من مزاولة مهنة ما لمجرد ارتدائها للحجاب وبدون أي سند قانوني ونحن في بلد ينص دستوره في الفصل السادس منه على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة"
ومن جهة أخرى لكن هذه المرة في مجال الوظيفة العمومية أصدرت مديرية إدارة السجون بالمغرب مذكرةً تمنع ارتداء الموظفات للحجاب وإلزامهم بالزي الرسمي بتبرير أنه لا يوحي بالانضباط والهيبة الأمنية لحامليه
وحسب مذكرة صدرت عن المندوب السامي للسجون "حفيظ بنهاشم" أكد من خلالها أن ارتداء الزي الرسمي يستند إلى نصوص قانونية وتحكمه ضوابط قانونية توخَّى المشرع من خلالها توحيد الزي بين سائر الموظفين، وإكسابهم مظهرًا يليق بحجم وطبيعة المهام الأمنية المنوطة بهم، دون أن يوضح البلاغ مدى وجود مقتضيات خاصة بالمحجبات
من يدافع عن طرد المحجبات ؟
وكرد فعل على هذا القرار أصدرت مجموعة من الهيئات السياسية والمدنية بلاغات تندد بهذه الخطوة، حيث أدان المركز المغربي لحقوق الإنسان، وهي منظمة حقوقية غير رسمية، مذكرةً المندوب السامي لإدارة السجون المتعلقة بمنع الحجاب على موظفات السجون.
وقال بيانٌ للمركز إن المنع يمثل "مسًّا خطيرًا بحرية الفرد، وخاصةً أن ارتداء الحجاب لا يُشكِّل أي عائقٍ في مزاولة الموظفات المحجبات لعملهن، مطالبًا بضرورة إلغاء المذكرة المعنية، والانكباب على المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها السجون المغربية التي أصبحت مرتعًا لترويج المخدرات والشذوذ الجنسي والانحراف، والعمل على أن تقوم المؤسسة السجنية بدورها في التقويم التربوي والإصلاح الاجتماعي.
وتنضاف مبادرة الهيئة الحقوقية إلى مبادرات سياسية وجمعوية أخرى تُندد بالقرار، الذي يلزم موظفات السجون بالزي الرسمي وعدم اتخاذ الحجاب، بحجة الانضباط والإشعار بالمسئولية المدنية.
تشغيل المحجبات...بين المؤيد والمعارض
إشكالية منع المحجبات من العمل ليست فقط حالات لنساء تعرضن لما اعتبرنه اضطهادا في حق ممارستهن لأبسط حقوقهن المجتمعية وهي العمل بل هي أيضا مواقف اتخذها العديد من أرباب الشركات أو الإدارات العمومية لمنع ولوج المحجبات إلى مؤسساتهم
النموذج ينقله لنا (ع.د( وهو صاحب شركة تعمل في المجال السياحي والذي أبدى موقفا واضحا اتجاه اشتغال المرأة المحجبة في شركته يتحدث بلغة ساخرة "أنا أرفض أن تعمل لدي فتاة ترتدي الحجاب" فهو يرى أن مكانها الطبيعي هو المنزل باعتبارها اختارت التحجب مضيفا" إلى كانت هي دايرة الزيف ما عندها لاش تخرج تخدم من الأحسن لها أن تعمل داخل منزلها"
ويرجع (ع.د) سبب رفضه تشغيل فتيات محجبات لكون المجال الذي يعمل فيه يتطلب وجود فتيات متبرجات مهتمات أكثر بمظهرهن الخارجي خاصة كونهن يتعاملن مع سياح أجانب لا يعرفون شيئا عن الإسلام وينظرون للحجاب على انه نوع من الإرهاب ويضيف بابتسامة " المشكل ماشي فالحجاب ولكن الأشخاص الأجانب عن المغرب لا يحبذون التعامل مع المحجبات ويخفن منهن الصراحة هي هذي".
موقف يخالفه السيد (ر. ش) وهو مقاول يعمل في مجال الإعلاميات الذي يؤكد أنه لم يسبق له أن قام بتشغيل فتاة لا ترتدي الحجاب كسكرتيرة بشركته
فهو يفضل أن تكون النساء اللائي يعملن معه محجبات يقول: " أنا أرحب في شركتي بكل فتات ترتدي الحجاب لأني أفضل أن أرى من يعملن لدي ملتزمات في زيهن ولا يهمني الجوهر" ومن الأسباب التي جعلت( ر. ش) يتخذ هذا الموقف كونه يريد أن يؤكد على أنه إذا كان في المغرب من يرفض تشغيل المحجبات لديه فهناك من يرحب فقط بهن. موقف تبناه بعد أن تم رفض عمل ابنته في إحدى الشركات بسبب ارتدائها للحجاب "لقد تلقيت صدمة عندما أخبرتني ابنتي هاجر أن مدير الشركة التي أرسلت في طلبها للعمل كمهندسة في الإعلاميات اشترط عليها نزع حجابها" يحكي (ر. ش) بعبارات الحسرة والألم على ما أسماه "عنصرية ممنهجة تجاه النساء المحجبات في سوق الشغل.
وفي هذا الصدد تقول نعيمة بن يعيش مديرة المعهد الشرعي أم المؤمنين عائشة بمدينة طنجة أنها تتلقى طلبات عديدة بشكل ملحوظ للراغبين في إيجاد عاملات سواء في مقاولات صغيرة بل حتى شركات ويشترطن فيهن أن يكن محجبات, والسبب ترجعه الأستاذة بن بعيش إلى رغبة هؤلا ء في تشغيل فتيات محجبات دون غيرهم لأسباب شخصية. وتضيف "أن هؤلاء لا يصرحون أمام الملأ وخاصة أمام وسائل الإعلام بهويتهم وررغبتهم في تشغيل المحجبات فقط, وذلك خوفا من أن يتم اتهامهم بالتطرف "
نفس السبب هو ما جعلنا نجد صعوبة في إقناع الكثيرين ممن التقيناهم والذين يرفضون تشغيل إلا المحجبات في التحدث إلينا وكشف هويتهم.
وبين مؤيد ومعارض لقبول المحجبات العمل لديه يقف عبد الواحد عدي موقفا محايدا فهو رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات التي تعمل في قطاع النسيج. عبد الواحد يعتبر منع تشغيل امرأة محجبة في شركته لن يغني ولن يسمن من جوع يقول: " ليس لدي أي موقف من هذه المسألة فأنا أشغل جميع النساء دون أي تمييز بين أولئك اللاتي يرتدين الحجاب وغيرهن" فهو يعتبر أن الشرط الأساسي لمن أرادت أن تشتغل في شركته هو الكفاءة بالدرجة الأولى ولا يهمه أي شيء لديه علاقة بالمظهر و يضيف " أنا أحاسب العاملات لدي على مرد وديتهن في العمل وليس لماذا يرتدين هذا الزي دون غيره، لأنني أعتبر ذلك خرقا لحقوق الإنسان من جهة، ولقانون الشغل من جهة أخرى".

هناك تعليق واحد:

  1. hchoma bzaf had chi lli wa93 wach 79ach ana labsa l7Ijab ntrfd don may3rfo lkafa2at lli 3ndi ana kan9ra bach nkhdm bladi onsahm fta9domha o2ana moslima odini howa lli fard "3LIYA L7IJAB BACH I7MINI" amma hadok lli rafdino fahoma jahiliiiiiin oma3arfin fdin walo lmaraa 3ndhom sl3a kaybi3o wichriw fiha ofjasadha kif bghaw makathmhom la maraa wala ta7ror /kanchkr bzaf nnas likawdfo lmo7ajabat okan9Ol lihom llah iktr mn amtalkom

    ردحذف